الأحد، 2 مايو 2010

البر والتقوى ...



أخي القاريء الكريم .. أختي القارئة الكريمة ...
يقول أبو العباس بن تيمية :
البر والتقوى يبسط النفس ، ويشرح الصدر بحيث يجد الإنسان في نفسه اتساعاً وبسطاً عما كان عليه قبل ذلك ، فإنه لما إتسع بالبر والتقوى والإحسان ؛ بسطه الله وشرح صدره .
والفجور والبخل يقمع النفس ، ويضعها ويهينها بحيث يجد البخيل في نفسه أنه ضيق ".
قال إبن عباس – رضي الله عنه - : " إن للحسنة لنوراً في القلب ، وضياء في الوجه ، وقوة في البدن ، وسعة في الرزق ، ومحبة في قلوب الخلق .
وإن للسيئة لظلمة في القلب ، وسواداَ في الوجه ، ووهناً في البدن ، وضيقاً في الرزق ، وبغضة في قلوب الخلق " . 

مجموع الفتاوى : ج10/ص629 – 630

الإسلام والتربية الروحية


     أخي الكريم أختي الكريمة .
       لم يقتصر دين الإسلام على مجرَّد الدعوة للإيمان بالله فحسب؛ بل جاء للناس بمنهج تربوي كامل وشامل، لشتَّى فروع التربية الَّتي تستند إليها المجتمعات الإنسانية، في عمليَّة التقدُّم والتطوُّر نحو الأفضل، وفي سبيل تحقيق ما يصبو إليه أفرادها من سعادة ونجاح، وطمأنينة وسلام.
      إن التربية الروحيَّة نواة التربية الإسلامية وجوهرها، وقد قامت على قواعد قويَّة، وأسس متينة من شأنها توطيد أواصر الصلة بين المسلم وربِّه، وربط أسباب دنياه بأسباب آخرته. وقد رافقتها التربية الأخلاقية كظلِّها، ثمَّ أُكملتا بالتربية الاجتماعية، الَّتي كانت بمثابة الطابق الثالث في بناء التربية في الإسلام. وإن أهمَّ طاقة تنير هذا البناء : دوام ذكر الله وتسبيحه، وتلاوة كتابه، والاستقامة على عبادته، والتضرُّع إليه بالدعاء.
      إن من أبرز سمات تربية الإسلام الروحية، الاعتدال والتوازن بين مطالب الروح ومطالب الجسد، وأقرب مثال على ذلك العبادات الَّتي تُعنى بالجانبين الروحي والمادي في الإنسان، وقد جُعلت متنوِّعة ومتكرِّرة ليبقى المسلم على طهارة روحية متجدِّدة تقرِّبه من الله، وتجذبه إليه كلَّما نأت به ماديَّات الحياة بعيداً عن الحضرة الإلهية.
       وقد ظهرت ميزة الاعتدال بشكل أوضح في كثير من الآيات القرآنية؛ ففي طائفة منها نجد حضّاً للمؤمنين على طلب المنزلتين الروحيَّة والماديَّة معاً كقوله تعالى: {وابْتَغِ فيما آتاكَ الله الدَّارَ الآخرةَ ولا تنسَ نصيبكَ من الدُّنيا وأَحْسِن كما أَحْسَن الله إليك ولاتَبْغِ الفَسادَ في الأَرضِ إنَّ الله لا يحبُ المُفسِدينَ} (28 القصص آية 77).
        وفي طائفة أخرى من الآيات يرشد الله المؤمنين لكي يَجْمَعوا في دعائهم بين طلب الدنيا وطلب الآخرة وذلك في قوله جلَّ وعلا: {..فَمِنَ النَّاسِ من يقول ربَّنَا آتِنَا في الدُّنيا وما له في الآخرةِ من خَلاق * ومنهم من يقولُ ربَّنا آتِنَا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنا عذابَ النَّار * أولئك لهم نصيبٌ ممَّا كَسَبُوا والله سريعُ الحِساب} (2 البقرة آية 200ـ202). فالوسطيَّة بين الروحانيَّة المتطرِّفة، والماديَّة المفرطة الجامحة، أمر تستدعيه حياة المجتمع، والإسلام هو الَّذي تحقَّقت فيه هذه الميزة، وتفرَّد بها عن غيره، قال تعالى: {وكَذلكَ جَعَلنَاكُم أمَّة وَسَطاً..} (2 البقرة آية 143). 
مقتطفات من كتاب التربية الروحية في الإسلام لغازي صبحي