الاثنين، 10 مايو 2010

وقفات تربوية مع قوله تعالى : {ما أصابَ من مُصيبةٍ في الأرضِ ولا في أنفُسِكُمْ إلاَّ في كتابٍ )


أخي الكريم ... أختي الكريمة 
تعالوا نبحر معاً في قول الله تعالى: {ما أصابَ من مُصيبةٍ في الأرضِ ولا في أنفُسِكُمْ إلاَّ في كتابٍ من قَبْلِ أن نبرَأَهَا إنَّ ذلك على الله يسيرٌ(22) لِكَيْلا تَأْسَوْا على ما فاتكم ولا تفرَحُوا بما آتاكُمْ والله لا يحبُّ كلَّ مُختالٍ فخور(23)} سورة الحديد

ومضات من الآية الكريمة :
ـ إن اعتقاد المؤمن أنه يتحرَّك ضمن دائرة الإرادة الإلهيَّة، يعطيه شعوراً بالاطمئنان أنَّ أمور الحياة مرتَّبة من قِبَل ربِّ العالمين، ومقدَّرة من لَدُنْ عليم حكيم، منذ خلق الأكوان وأراد لهذه الخليقة أن تكون. وهذا الشعور بالإحاطة الإلهيَّة يعطيه التوازن في عواطفه وردود أفعاله، فتكون معتدلة لا تطرُّف فيها، سواء في حالات الحزن أو الفرح، بحيث يمضي مع قدر الله في طواعية ورضا.
ـ إن الله تعالى لا يحبُّ من يختال طرباً، متباهياً بين أقرانه بما حَصَّل عليه من نعيم وعطاء متميزين، ناسباً الفضل لنفسه فيما آتاه الله، ناسياً فضل ربِّ العالمين في تقدير الأرزاق والأعمار بين الناس أجمعين.

في رحاب الآيات:
مَن للإنسان يحملُ عنه همومه ومصائبه وآلامه غير إيمانه القوي بحضرة الله؟؛ 
فكثيرٌ من الناسِ يُصابون بانهيارات عصبيَّة، أو أزمات قلبيَّة بمجرَّد تعرُّضهم لنكبة تقضُّ مضجعهم. 
أمَّا العبوديَّة الحقيقية لله فهي تعين المرء على الاستسلام الكامل لإرادة الحضرة الإلهيَّة، فما نحن سوى مؤتمنين من قِبَلِه عزَّ وجل على أنفسنا ومالنا وأهلنا، ولنا حقُّ الإدارة دون حقِّ الملكية المطلقة، لأننا وما نملك مِلك للمالك الأحد الفرد الصمد. 
وهذا الوجود هو من الدِّقة والتنظيم بحيث لا يقع فيه حادث إلا وهو مقدَّر منذ تصميمه، محسوب حسابه في كيانه، لا مكان فيه للمصادفة، فقبل خلق الأرض وخلق الأنفس، كان في علم الله الكامل الشامل الدقيق كلُّ حدث سيظهر للخلائق في وقته المعيَّن، وفي علم الله لا شيء ماضٍ، ولا شيء حاضرٌ، ولا شيء قادم، فتلك الفواصل الزمنيَّة إنما هي معالم لنا ـ نحن أبناء الفَناء ـ نرى بها حدود الأشياء، إذ لا ندرك الأشياء بغير حدود تميِّزها، حدود من الزمان، وحدود من المكان. وكلُّ حادث من خير أو شرٍّ يقع في الأرض هو في ذلك الكتاب الأزلي، من قبل ظهور الأرض في صورتها الَّتي ظهرت بها: {إنَّ ذلك على الله يسير}، ومن شأن معرفة هذه الحقيقة في النفس البشرية، أن تسكب فيها الطمأنينة عند استقبال الأحداث، خيرها وشرِّها، تلك الطمأنينة بالله، الَّتي يبحث عنها الملايين من البشر المنكوبين، لأن فيها تهدئة للعواطف، فلا فرح طاغٍ، ولا حزن مُدمِّر، بل عواطف متوازنة، متماسكة، تضع المرء في حجمه الحقيقي دون مباهاة ولا تفاخر، فالَّذي أعطى قادر على أن يأخذ، والَّذي وهب قادر على أن يمنع، وكلُّنا لا حول لنا ولا قوَّة إلا بالله العليِّ العظيم. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: { لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ، وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ } [الحديد: 23] قَالَ: " لَيْسَ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ يَفْرَحُ وَيَحْزَنُ، وَلَكِنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةُ جَعَلَهَا صَبْرًا، فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ جَعَلَهُ شُكْرًا " وهذا هو الاعتدال الَّذي يتمتَّع به المسلم الحقيقي.
إن هذه العقيدة الَّتي تملأ نفس المؤمن، هي من أعظم العلاجات لآثار الحوادث المؤلمة الَّتي تصادف الإنسان في حياته، وهي في الوقت نفسه، تُعَدُّ من أشدِّ العوامل الإيجابيَّة في النظر إلى المستقبل، حيث يُقبِل الإنسان على عمله ومسؤولياته وهو واثق بأن عمله لن يذهب سدى، فإن هو نجح فقد حقَّق مراده، وقطف ثمرات سعيه، وشكر الله المنعم، فكان خيراً له، وإن حال بينه وبين هدفه عارض سلبي، من مرض أو خسارة أو ما شابه ذلك، علم أن ذلك مقدَّر كائن ولا يستطيع دفعه مهما بذل، وليس له ملاذٌ إلا الصبر فكان الصبر خيراً له، لأن من ثمار الصبر الأجر والمثوبة عند الله من جهة، والحفاظ على الأعصاب والملكات والصحَّة من جهة أخرى. وهكذا يُقْبِل المؤمن وكلُّه ثقة بالله عزَّ وجل على المستقبل، بكامل طاقاته وملكاته، ممَّا يهيِّئ له الفرصة للفوز والنجاح وتحقيق الأهداف، بعيداً عن التقاعس واليأس والقنوط.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , والحمد لله رب العالمين .

مقتطف من التربية الروحية في الإسلام لغازي صبحي .....

الأحد، 2 مايو 2010

البر والتقوى ...



أخي القاريء الكريم .. أختي القارئة الكريمة ...
يقول أبو العباس بن تيمية :
البر والتقوى يبسط النفس ، ويشرح الصدر بحيث يجد الإنسان في نفسه اتساعاً وبسطاً عما كان عليه قبل ذلك ، فإنه لما إتسع بالبر والتقوى والإحسان ؛ بسطه الله وشرح صدره .
والفجور والبخل يقمع النفس ، ويضعها ويهينها بحيث يجد البخيل في نفسه أنه ضيق ".
قال إبن عباس – رضي الله عنه - : " إن للحسنة لنوراً في القلب ، وضياء في الوجه ، وقوة في البدن ، وسعة في الرزق ، ومحبة في قلوب الخلق .
وإن للسيئة لظلمة في القلب ، وسواداَ في الوجه ، ووهناً في البدن ، وضيقاً في الرزق ، وبغضة في قلوب الخلق " . 

مجموع الفتاوى : ج10/ص629 – 630

الإسلام والتربية الروحية


     أخي الكريم أختي الكريمة .
       لم يقتصر دين الإسلام على مجرَّد الدعوة للإيمان بالله فحسب؛ بل جاء للناس بمنهج تربوي كامل وشامل، لشتَّى فروع التربية الَّتي تستند إليها المجتمعات الإنسانية، في عمليَّة التقدُّم والتطوُّر نحو الأفضل، وفي سبيل تحقيق ما يصبو إليه أفرادها من سعادة ونجاح، وطمأنينة وسلام.
      إن التربية الروحيَّة نواة التربية الإسلامية وجوهرها، وقد قامت على قواعد قويَّة، وأسس متينة من شأنها توطيد أواصر الصلة بين المسلم وربِّه، وربط أسباب دنياه بأسباب آخرته. وقد رافقتها التربية الأخلاقية كظلِّها، ثمَّ أُكملتا بالتربية الاجتماعية، الَّتي كانت بمثابة الطابق الثالث في بناء التربية في الإسلام. وإن أهمَّ طاقة تنير هذا البناء : دوام ذكر الله وتسبيحه، وتلاوة كتابه، والاستقامة على عبادته، والتضرُّع إليه بالدعاء.
      إن من أبرز سمات تربية الإسلام الروحية، الاعتدال والتوازن بين مطالب الروح ومطالب الجسد، وأقرب مثال على ذلك العبادات الَّتي تُعنى بالجانبين الروحي والمادي في الإنسان، وقد جُعلت متنوِّعة ومتكرِّرة ليبقى المسلم على طهارة روحية متجدِّدة تقرِّبه من الله، وتجذبه إليه كلَّما نأت به ماديَّات الحياة بعيداً عن الحضرة الإلهية.
       وقد ظهرت ميزة الاعتدال بشكل أوضح في كثير من الآيات القرآنية؛ ففي طائفة منها نجد حضّاً للمؤمنين على طلب المنزلتين الروحيَّة والماديَّة معاً كقوله تعالى: {وابْتَغِ فيما آتاكَ الله الدَّارَ الآخرةَ ولا تنسَ نصيبكَ من الدُّنيا وأَحْسِن كما أَحْسَن الله إليك ولاتَبْغِ الفَسادَ في الأَرضِ إنَّ الله لا يحبُ المُفسِدينَ} (28 القصص آية 77).
        وفي طائفة أخرى من الآيات يرشد الله المؤمنين لكي يَجْمَعوا في دعائهم بين طلب الدنيا وطلب الآخرة وذلك في قوله جلَّ وعلا: {..فَمِنَ النَّاسِ من يقول ربَّنَا آتِنَا في الدُّنيا وما له في الآخرةِ من خَلاق * ومنهم من يقولُ ربَّنا آتِنَا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنا عذابَ النَّار * أولئك لهم نصيبٌ ممَّا كَسَبُوا والله سريعُ الحِساب} (2 البقرة آية 200ـ202). فالوسطيَّة بين الروحانيَّة المتطرِّفة، والماديَّة المفرطة الجامحة، أمر تستدعيه حياة المجتمع، والإسلام هو الَّذي تحقَّقت فيه هذه الميزة، وتفرَّد بها عن غيره، قال تعالى: {وكَذلكَ جَعَلنَاكُم أمَّة وَسَطاً..} (2 البقرة آية 143). 
مقتطفات من كتاب التربية الروحية في الإسلام لغازي صبحي

الخميس، 25 مارس 2010

ستة أسطر .....!!



يقول الإمام السمرقندي في كتابه تنبيه الغافلين : ذكر أن في بعض الكتب مكتوباً ستة أسطر


في السطر الأوّل من أصبح حزيناً على الدنيا أصبح ساخطاً على الله، 


وفي الثاني من شكا مصيبة نزلت به فإنما يشكو ربه، 


وفي الثالث من لا يبالي من أي باب أتاه رزقه لا يبالي من أي أبواب النار أدخله الله، 


وفي الرابع من أتى خطيئة وهو يضحك دخل النار وهو يبكي، 


وفي الخامس من كان أكبر همه الشهوات نزع اللَّه خوف الآخرة من قلبه، 


وفي السادس من تواضع لغنى لأجل دنياه أصبح والفقر بين عينيه






اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا وزدنا علما